الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه logo إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية.
shape
كتاب الروض المربع الجزء الأول
164138 مشاهدة print word pdf
line-top
ما يسن للمصاب بميت

ويسن الصبر والرضا والاسترجاع، فيقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم آجرني في مصيبتي واخلف لي خيرا منها ولا يلزمه الرضا بمرضٍ.


الرضا: معناه الفرح والانبساط بهذا الشيء والسرور به، فهل نقول لمن مات له ميت: يلزمك أن ترضى؟ يعني تفرح بذلك كفرحك بالأرباح, وبالمولود, وبالنعم المتجددة؟ أو نقول: لا يلزمك الرضا؟ الصحيح: إنه لا يلزم, وذلك لأن النفس ولا بد يحصل معها شيء من الكراهية, واستثقال المصيبة، ولكن الصبر يلزم, والتسلي والاسترجاع بهذا اللفظ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ إنا لله يعني ملكا وخلقا وعبيدا، إنا إليه راجعون أي: مرجعنا إلى الله, مردنا إليه اللهم آجرني في مصيبتي يعني: ارفع لي الأجر, أو أعظمه لي, واخلف لي خيرا منها, يعني: اخلف لي خلفا عنها، هذا دليل على أنه يتأكد أن يحمل نفسه على الصبر.
أما الرضا فلا يلزم، لا يلزم مثلا بالمصائب ولا بالأمراض, ما نقول: افرح بالمرض, ولا بموت الأقارب, ولا بالفقر ولا بالعاهات ولا بالحوادث، ولكن هل إذا قال أنا أرضى بالمعصية إذا وقعت مني فإني أكون راضيا بها, يعني فرحا مسرورا لأنها وافقت قضاء وقدرا، لا يجوز الرضا بالمعصية, إذا وقعت منك فعليك بالندم وعليك بالإقلاع عنها, والابتعاد عنها.
فالرضا إنما يكون مثلا بما قدر الله, وما كان له فيه فائدةٌ وخير؛ يعني: مثل الديانة- الإسلام- والعبادات, وما أشبه هذه, يرضى بذلك ويفرح، وأما المصائب فإنه ولو كره ذلك لا إثم عليه، ولكن لو حصل منه الرضا بما قدر الله فهو أفضل؛ لقوله بالحديث أو في الأثر عن علقمة في قوله تعالى: مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ هو الرجل تصيبه المصيبة فيعلم أنها من عند الله فيرضى ويسلم. نعم.
.. هذا يعني التسخط الذي هو التشكي، والرضا يراد به هنا التسليم- التسليم لأمر الله, وعدم الاعتراض على قضائه؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم- إذا أراد الله لعبد خيرا عجَّل له العقوبة في الدنيا, وإذا أراد به الشر أمسك عنه بذنبه وفي حديث آخر: إن عظم الجزاء مع عظم البلاء فإن الله إذا أحب قوما ابتلاهم, فمن رضي فله الرضا, ومن سخط فله السخط فالرضا هنا معناه: التسليم لأمر الله، والمعرفة بالحكمة التي لأجلها ابتلاه الله، وعدم التسخط, وعدم الاعتراض على الله.

line-bottom